قبل ماكرون قالها ديغول وهو يدعو الجزائريين للاستفتاء: "عبر التاريخ لم يكن هناك أي وجود لدولة جزائرية"
تقف الجزائر وفرنسا على مشارف أزمة جديدة من أزمات المرحلة الاستعمارية، تنضاف إلى مسلسل طويل من الأزمات لم ينته لا بالاستقلال سنة 1962 ولا بتعاقب الرؤساء داخل قصر الإيليزي، وذلك بعدما تحدث الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون عن "الأمة الجزائرية" باعتبارها كانت مجرد "وهم" قبل أن المرحلة الاستعمارية، وهو كلام أتبعته الرئاسة الجزائرية بإعلان استدعاء سفيرها من باريس قصد "التشاور".
ووجه الرئيس الفرنسي، عند لقائه بأحفاد الجزائريين المقيمين في فرنسا يوم الخميس الماضي، العديد من الانتقادات للنظام الجزائري، حيث وصفه بـ"المتعب" و"شديد القسوة"، معتبرا أن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون "غارق فيه"، لكن أبرز ما جاء في كلمة ماكرون تساؤله بشكل استنكاري "هل وُجدت أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟"، قبل أن يضيف "كان هناك استعمار آخر، وأنا مندهش بقدرة تركيا على جعل الناس ينسون ماضيها الاستعماري على أراضيهم، في حين يركزون على فرنسا وكأنها كانت المستعمر الوحيد".
وحتى لو اعتبر هذا الكلام "قاسيا" في حق الدولة الجزائرية، فإنه قطعا ليس بالكلام الجديد، وقد ظلت فرنسا مقتنعة به، بل وجاهرت بذلك حتى قبل الاستقلال، وتحديدا سنة 1959 حين أعلن الرئيس الفرنسي الأسبق، الجنرال شارل ديغول، عن استعداده منح الجزائريين حق تقرير المصير في ظرف زمني لا يزيد عن 4 سنوات، موردا أنه سيطرح السؤال على الجزائريين بصفتهم "أفرادا" لأنه، وحسب كلامه، "منذ بداية التاريخ لم هناك أي سبب قوي للسيادة الجزائرية".
وغير بعيد عن الكلام الذي قاله ماكرون بعد 62 عاما على خطاب ديغول، فإن هذا الأخير عدَّدَ "الغزاة" الذين استعمروا الجزائر طيلة تاريخها قائلا "القرطاجيون والرومان والواندال والبيزانطيون وعرب الشام وعرب قرطبة والأتراك والفرنسيون، كلهم دخلوا هذا البلد الواحد تلو الآخر، ولم تكن هناك دولة جزائرية في أي وقت ولا بأي طريقة".
وكان ماكرون قد استغرب "العداء الشعبي" لفرنسا بسبب تاريخها الاستعماري في الجزائر، واستنكر اعتبارها "سبب المشاكل التي تعيشها البلاد منذ الاستقلال"، مذكرا أيضا بأن "الأتراك"، في إشارة للدولة العثمانية، كانوا بدورهم مستعمرين، موردا "أنا مندهش بقدرة تركيا على جعل الناس ينسون ماضيها الاستعماري على أراضيهم، في حين يركزون على فرنسا وكأنها كانت المستعمر الوحيد".
وكانت فرنسا قد احتلت الجزائر لمدة 132 عاما خلال الفترة ما بين 1830 و1962، وقبلها كان هذا البلد المغاربي جزءا من الإمبراطورية العثمانية لما يزيد عن 3 قرون، بدأت إرهاصاتها بمحاولة تحصين مدينة "القسطنطينية" التي تحول إلى "إسطنبول" وأضحت عاصمة الحكم العثماني في منتصف القرن 15، حيث سعى السلاطين المتعاقبون على حمايتها من هجمات الأوروبيين المحتملة من غرب البحر الأبيض المتوسط، وانتهت بضم الأراضي الجزائرية بشكل كامل.
وحل الأتراك بالسواحل الجزائرية في بدايات القرن 16 عبر أسطول حربي قاده 3 إخوة، هم عروج وخير الدين وإسحاق أبناء يوسف الفخارجي، والذين سيُعرفون فيما بعد بأصحاب اللحى الحمراء أو "باربا روسا" باللغة الإسبانية التي ستُحور فيما بعد إلى "بارباروس"، وستكون مهمتهم في الأصل هي حماية سواحل شمال إفريقيا من هجمات الإسبان، وفي عام 1514، وبعد وفاة عروج بارباروس، سيعلن شقيقه وخليفته خير الدين بربروس باشا ضم الجزائر إلى الدولة العثمانية.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :